محطات في حياتي

في زمن الطفولة والشباب الأول                                            

ولدت في الثامن من شهر آذار من عام 1930 في بلدة حاريص الجنوبية في عائلة دينية عريقة.  ويقول المؤرخون لأصول العائلة بأنها يمنية الأصل تنتمي إلى قبيلة همْدان.  والدي هو الشيخ أحمد مروة رجل الدين والدنيا.  والدتي هي الحاجة خديجة مروة.

في التاسعة من عمري درست في كتّاب القرية وختمت القرآن.  في عام 1939 ذهبت مع والدي ومع شقيقيّ محمد حسين ومرتضى وابنيّ عمي عبد الحسين وعبد الرضا إلى بيروت لاستقبال عمي الشيخ زين العائد من أفريقيا.  ولدى عودتنا إلى بلدتنا حاريص أخرج عمي الشيخ زين حقائبه وكان من ضمنها صندوق خشب فتحه أمامنا وأخرج من جوانبه المغلقة ما كان قد خبأه فيها من السبائك الذهبية التي كانت تعبّر عن الثروة التي كان جمعها خلال عمله في سيراليون في غرب أفريقيا.  وهي كانت إحدى الوسائل التي كان بعض المغتربين من أمثال عمي يهربون بواسطتها أموالهم. 

انتسبت إلى المدرسة العاملية التي تأسست في ذلك العام وبقيت فيها عامين.  وكان يديرها السيد جعفر الأمين أحد أصدقاء والدي.  وعشت خلال تلك الفترة طفولتي كما يعيشها الأطفال في مثل عمري.  وشاهدت بعض تقاليد قريتنا التي ما أزال أذكر منها حفلات الأعراس التي كان يشارك فيها في شكل طبيعي الرجال والنساء جنباً إلى جنب في حلقات الرقص الشعبية في الدبكة اللبنانية الشهيرة.  وأشهد أن رجال الدين من الطائفة الشيعية لم يتدخلوا اعتراضاً على ذلك، برغم تزمت بعضهم. وأذكر أن أحد أساتذتنا في المدرسة كان على علاقة مع إمرأتين إبنتي عم، أبواهما رجلا دين.  وشاعت في القرية أخبار تلك العلاقة فألفوا أغنية عنها أذكر منها هذا البيت: "يا سلام سلّم يا سلام سلّم بيدا ومواهب عشقوا المعلم".  ولم تكن قد نشأت في المنطقة أحزاب من النوع الذي نشاهده في أيامنا هذه.  لذلك كانت الحرية من الطابع المميز لتلك الحقبة من تاريخ جبل عامل.